هل جربت المضادات الحيوية، والأدوية التقليدية وغير التقليدية لعلاج البرد ولم تحصل على النتيجة المرجوة؟ إذًا، عليك بتجريب مقترح هاري هاميلا، من جامعة هلسنكي بفنلندا.
إذا أصابتك نزلة برد، حل الإعياء ووجب أخذ علاج.. ولكن ما هو العلاج الأمثل؟ وهل من الممكن تقصير فترة المرض من دون اللجوء للمضادات الحيوية؟ الإجابة وفق باحثين من جامعة هلسنكي هي: نعم! يمكن التخلص من نزلة البرد في ثلث المدة إذا تناولت "الزنك".
لاحظ فريق بحثي من قسم الصحة العامة بجامعة هلسنكي بفنلندا برئاسة "هاري هيميلا" أن تناوُل زنك لوزنجيس Zinc Lozenges -الحبوب المحلاة- يعجل من تعافي مرضى البرد؛ إذ سجل المرضى الخاضعون للتجربة -199 مريضًا أغلبهم من النساء- تحسنًا ملحوظًا في اليوم الثالث، مقارنة بالمدة الطبيعية لاحتضان المرض البالغة 7 أيام.
كما أظهرت العينة تعافيًا بنسبة 70% في اليوم الخامس للإصابة بالمرض بين مَن تناولوا الحبوب المحلاة، أما العينة التي استخدمت الطرق التقليدية فبلغت معدلات التعافي 27%.
وأوضح هاري هيميلا -الباحث الرئيس بالدراسة- لـ"للعلم" أن الدراسة "ركزت على نتائج الاختبارات وما أظهرته من أثر فعلي على العينة العشوائية".
وأوضحت الدراسة المنشورة على British Journal of Clinical Pharmacology في شهر مايو 2017 أن تأثير مادة الزنك لم يتغير مع تغيُّر العمر أو الجنس أو العرق أو درجة الإصابة بالبرد، ولا حتى بكون المريض مدخنًا أو غير مدخن أو ممن يعانون من الحساسية؛ إذ ظل متوسط معدل سرعة التعافي 3 أضعاف معدل التعافي حال استخدام الأدوية التقليدية.
وأوصى هيميلا مرضى البرد بتناوُل جرعة تتراوح بين 80-100 ملجم يوميًّا من الحبوب المحلاة، على أن يتركها تذوب في فمه ببطء شديد.
كما ينصح هيميلا المريض بتناول الزنك خلال 24 ساعة من بداية أعراض البرد، والتي منها: سيلان الأنف، وألم الحنجرة والكحة، "لا أظن أنه من المفيد تناوُل الزنك بعد عدة أيام من الإصابة بالبرد"، وفق قوله. كما شدد على أهمية أن يتم تناوُل الزنك الاستحلابي –المص- لا الحبوب التي تُبتلع ويتم امتصاصها في المعدة.
اتهامات ومحاذير
من الملحوظ أن الجرعة الواردة بالدراسة تفوق تلك الموصى بها من قِبَل الجمعية الوطنية للصحة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تنصح الرجال بتناول 11 مللجم في اليوم مقابل 8 مللجم يوميًّا للنساء.
وكان رد هيميلا فيما يتعلق بهذا الأمر أن الجرعة المشار إليها في الدراسة يتعاطاها المرضى لفترة لا تتجاوز أسبوعًا، موضحًا أن الآثار السلبية للزنك والتي منها التسمم، تظهر فقط في حال تناول 100 إلى 150 مللجم/ يوميًّا من الزنك لعدة أشهر.
كما ألمحت إلى أن مرضًا مثل داء ويلسون -خلل وراثي سببه تجمع النحاس في أنسجة معينة من الجسم مثل الكبد والكليتين- يتطلب تناول المريض للزنك بمقدار 150 مللجم في اليوم مدى الحياة بهدف إعاقة امتصاص الجسم للنحاس من الطعام.
وأشارت الدراسة إلى أنه من المستبعد جدًّا أن يكون لجرعة يومية من الزنك لعلاج البرد تتراوح بين 80-92 مللي لمدة أسبوع أو اثنين أية آثار سلبية على المدى البعيد. وأوضح هيميلا لـ "للعلم" أنه لا خطورة تُذكر من تناول الزنك لهذه المدة القصيرة، إلا أننا ننصح الحوامل والأطفال بتجنبه؛ لحساسية هذه الفئة الخاصة للأدوية.
حلوى لكنها تثير الغثيان
وذكر هيميلا أن إحدى المشكلات التي يواجهها المريض هي النكهة القوية للزنك لوزنجس، التي تظل في الفم عدة ساعات، وتسبب غثيانًا.
ويشرح محمد المالكي -أستاذ طب الأطفال والمناعة بكلية الطب جامعة الزقازيق- لـ"للعلم" أن تناوُل الزنك في المجمل له فوائد عديدة، ولكنه قد يتسبب في بعض الأعراض الجانبية، مثل تهيُّج المعدة والغثيان والقيء، وأحيانًا السعال والإسهال.
وأضاف أن "الإفراط في تناوُل أي مستحضر أو دواء أو أي شيء قد يكون له آثار جانبية، وقد يتسبب في أضرار تختلف درجة خطورتها وفقًا لحجم الجرعات الزائدة".
فيما ترى نيرمين جلال -أستاذ طب المناعة بطب القصر العيني- أن الجرعات الزائدة من الزنك قد تؤدي إلى انخفاض قدرة الجسم على استقبال المضادات الحيوية، مثل أدوية الكينولون أو التتراسيكلين. وحذرت جلال في حديثها لـ"للعلم" من أن استخدام جرعات زائدة من الزنك عن طريق الأنف قد يؤدي إلى ضعف حاسة الشم أو توقفها تمامًا.
وكان المركز الوطني للتكامل الصحي البريطاني قد حذر من الآثار الجانبية للزنك وطرق تفاعله مع الأدوية الأخرى. وأوضح المركز أن الزنك يمكن تناوله إما عن طريق الفم أو عن طريق الأنف، مشيرًا إلى دراسة أجريت عام 2015توصلت إلى أن تناوُل الزنك عن طريق الفم يساعد على تقليص مدة نزلات البرد، في حين تم ربط الزنك الأنفي بآثار جانبية حادة، مثل فقدان لا رجعة فيه لحاسة الشم، لذا ينبغي توخى الحذر عند استخدام.
طرق أخرى لمكافحة البرد
يري المالكي أن التطعيم بمصل الإنفلونزا هو الإجراء الوقائي الأمثل لنزلات البرد ."أفضل توقيت للتطعيم ما بين شهري سبتمبر ونوفمبر من كل عام، وهو ما يسمى بالتطعيم الموسمي"، إلا أنه أكد إمكانية التطعيم في أي وقت من أوقات السنة.
وعن الفئات العمرية التي تحتاج للتطعيم ضد فيروس الإنفلونزا أوضح المالكي أن أكثر الناس احتياجًا له هم كبار السن التي تزيد أعمارهم عن ٦٥ عامًا، والأطفال بين عمر ٦ شهور و٥ سنوات، وأصحاب الأمراض المزمنة مثل القلب والسكري، بالإضافة للسيدات الحوامل.
وترى نيرمين جلال أن التطعيم ضد الإنفلونزا يجب أن يتجدد سنويًّا؛ لأن فيروس الإنفلونزا يتحور كل عام، وهو فيروس دائم التطور والتغير. أما فيما يخص الجرعات المناسبة للتطعيم ضد الإنفلونزا فقالت جلال إنها حقنة كاملة للكبار والأطفال فوق ٣ سنوات، ونصف حقنة للأطفال أقل من ٣ سنوات، ولفتت إلى أن هناك فرقًا بين نزلات البرد العادية والإنفلونزا الموسمية التي قد تؤدي لمضاعفات حادة ومنها الوفاة. كما نفت جلال قدرة التطعيم ضد الإنفلونزا بعد الإصابة بها على تحفيز سرعة العلاج، موضحةً أن التطعيم للوقاية، والوقاية لا بد أن تكون سابقة للمرض وليست لاحقة .
المصدر : هنا
تعليقات
إرسال تعليق